خطبة الجمعة القادمة “مفهوم العبادة” للشيخ طه ممدوح
خطبة الجمعة القادمة 5 نوفمبر 2021م بعنوان : مفهوم العبادة ، للشيخ طه ممدوح ، بتاريخ 29 ربيع الأول 1442هـ ، الموافق 5 نوفمبر 2021م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 5 نوفمبر 2021م بصيغة word بعنوان : مفهوم العبادة ، للشيخ طه ممدوح
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 5 نوفمبر 2021م بصيغة pdf بعنوان : مفهوم العبادة، للشيخ طه ممدوح
عناصر خطبة الجمعة القادمة 5 نوفمبر 2021م بعنوان : مفهوم العبادة ، للشيخ طه ممدوح:
أولاً: مفهومُ العبادةِ والهدفُ منها
ثانياً: اتساعُ مفهومِ العبادةِ وشمولِها
ثالثاً: الحثُّ علي المداومةِ علي العبادةِ
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 5 نوفمبر 2021م ، بعنوان : مفهوم العبادة ، كما يلي:
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، القائلِ في كتابه ِالعزيزِ: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له، وأشهدُ أنّ سيدَنَا ونبيَّنَا محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ وصفيهُ من خلقهِ وخليلُهُ، اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلي آلهِ وصحبهِ، ومن تبعَهُم بإحسانٍ إلي يومِ الدينِ. وبعــــدُ:
أولاً: مفهومُ العبادةِ والهدفُ منها
العبادةُ في الشريعةِ الإسلاميةِ هي الهدفُ الأساسيُّ من خَلْقِ الإنسانِ، قال تعالي:(وما خلقتُ الجنَّ والإنسَ إلا ليعبدون)، وعلى هذا فإنّ العبادةَ تشملُ كلَّ الأعمالِ الصالحةِ التي يحبُّهَا اللهُ وتُرضيه، والاتصافَ بكلِّ الصفاتِ والأخلاقِ الحميدةِ، وكذلك حبَّ اللهِ والرسولِ والصالحين، ومعاملةَ الناسِ معاملةً حسنةً، مما يجعلُ الإنسانُ المسلمُ في عبادةٍ طوالَ حياتِهِ وفي جميعِ تصرفاتهِ كما جاء في القرآن الكريمِ: ﴿قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾(سورة الأنعام،
فالعبادةُ هي اسمٌ جامعٌ لكلِّ ما يُحبهُ اللهُ ويَرضاهُ من الأقوالِ والأعمالِ الباطنةِ والظاهرةِ، فالصلاةُ والزكاةُ والصيامُ والحجُ وصدقُ الحديثِ والأمانةُ وبرُّ الوالدين وصلةُ الأرحامِ والوفاءُ بالعهود والأمرُ بالمعروفِ والنهيُ عن المنكر والإحسانُ للجار واليتيمِ والمسكينِ وابن السبيلِ والمملوكِ من الآدميين والبهائمِ والدعاءُ والذكرُ والقراءةُ وأمثالُ ذلك من العبادةِ، وكذلك حبُّ اللهِ ورسولِهِ وخشيةُ اللهِ والإنابةُ إليه وإخلاصُ الدينِ له والصبرُ لحكمهِ والشكرُ لنعمهِ والرضى بقضائهِ والتوكلُ عليه والرجاءُ لرحمتهِ والخوفُ من عذابهِ وأمثالُ ذلك هي من العبادةِ للهِ.
وتستهدفُ العباداتُ من الصلاةِ، الزكاةِ، الحجِ والجهادِ في سبيل اللهِ، تصفيةَ النفسِ الإنسانيةِ والحيلولة بينها وبين مباشرةِ الجرائمِ الاجتماعيةِ من الفواحش والمنكراتِ التي هي الزنا وهتكُ العرضِ، وسرقةُ الأموالِ، وقتلُ النفسِ التي حرم اللهُ قتلَها إلا بالحق، وتستهدفُ هذه العباداتُ كذلك الحدَّ من أنانيةِ الذاتِ في السلوك والتصرفاتِ، وتقويةَ الإحساسِ الجماعيِّ بالآخرين في المجتمع، حتى يخرجَ العابدُ عن طريقِ عبادتهِ من دائرةِ الذاتِ في نشاطهِ -وأثر هذا النشاط في الانتفاعِ بما في هذه الدنيا من متعٍ ماديةٍ – إلي دائرةِ المجتمعِ أو الأمةِ أو الآخرين، فما يصيبُه من أرزاقٍ فهو له وللآخرين، وما يقعُ من مآسٍ فعَلَيْهِ كما على الآخرين.
ثانياً: اتساعُ مفهومِ العبادةِ وشمولِها
إنّ مفهومَ العبادةِ يشملُ أداءَ الفرائضِ وعمارةَ الكونِ معًا، فدينُنَا قائمٌ على التوازنِ بين حاجةِ الروحِ والجسدِ، ويشملُ أبوابَ الخيرِ كلَّهَا، من العبادةِ إلى طلَبِ الرِّزقِ، وحُسنِ الخُلُقِ، والصِّدقِ في الحديثِ، والصفحِ الجميلِ، والإصلاحِ بين الناسِ، والإنفاقِ على الأهلِ، إلى غير ذلك مِن أفعالِ البر.ِّ
فالعبادةُ لها معنيان، الأولُ عامٌ واسعٌ يتضمنُ عمارةَ الكونِ زراعةً، وصناعةً، وإتقانًا للعمل، بما يعودُ نفعُهُ على المجتمع كلِّهِ، ويكونُ سببًا في رقي الوطنِ وتقدمهِ، والثاني: خاصٌ ويطلقُ على العبادةِ بمفهومِهَا الخاص، فيشملُ إقامةَ شعائر الإسلامِ، وأداءَ أركانِه من الصلاة، والزكاةِ، والصيامِ، والحجِ، فالمؤمنُ الحقيقيُّ هو مَن يفهمُ هذا التوازنَ في مفهوم العبادةِ بين معناها الخاص ومعناها العام .
وبِناءً على ذلك؛ يجِبُ أنْ نُصحِّحَ المفهومَ الخاطِئَ للعبادةِ التي يقصُرُها على بعضِ الطاعاتِ والأفعالِ والفرائِضِ، وأن يعتَقِدَ المرءُ اعتِقادًا جازِمًا أنّه إنْ عمِلَ أيَّ عملٍ يَرضَى اللهُ عنه، ويُخلِصُ فيه النيَّةَ لله عزَّ وجل، أنّه مأجُورٌ عليه، بل إنّه عبادةٌ مِن العبادات التي يُتقرَّبُ بها إلى اللهِ، فلا يستَهِينُ بشيءٍ مِن الأعمال صغُرَ أو كَبُرَ، فتبسُّمُكَ في وجهِ أخيك صَدقةٌ، وإماطةُ الأذَى عن الطريقِ صَدقةٌ.
ويندرِجُ في العباداتِ أبوابٌ مِن الخيرِ كثيرةٌ؛ كالحياءِ، وحُسنِ الخُلُقِ، وحُسنِ العِشرةِ، والأُخُوَّةِ في الله، والصِّدقِ في الحديثِ، والمغفِرَةِ للآخرين والصَّفحِ عنهم، والإصلاحِ بين المُتشاحِنين، إلى غير ذلك مِن التعامُلاتِ والسلُوكيَّاتِ، والعلاقاتِ الاجتماعيَّةِ.
وعندما يتَّسِعُ مفهومُ العبادةِ في حِسِّ المُسلمِ يعلَمُ أنّ الأعمالَ الصالِحةَ عمومًا، والتي لم تُصبَغْ بصِبغةٍ تعبُّديَّةٍ بَحتَةٍ يُمكنُ أنْ تتحوَّلَ إلى عِبادةٍ، وذلك بإصلاحِ النيَّةِ لله تعالى، وابتِغاءِ مرضاتِهِ بذلك الفعلِ،
فعن أبي هُريرةَ رضي اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ – صلى اللهُ عليه وسلم: (كُلُّ سُلامَى مِن الناسِ عليه صَدقةٌ كلَّ يومٍ تطلُعُ فيه الشَّمسُ، يعدِلُ بين الاثنَين صدقَة، ويُعينُ الرجُلَ على دابَّته فيحمِلُ عليها، أو يرفعُ عليها متاعَهُ صدقَةٌ، والكلمةُ الطيبةُ صدقَةٌ، وكلُّ خُطوةٍ يخطُوها إلى الصلاةِ صدقَةٌ، ويُميطُ الأذَى عن الطريقِ صدقَةٌ)(متفق عليه).
بل إنّ حياتَنَا كلَّها عبادةٌ، فالعملُ عبادةٌ، فإذا خرجَ الإنسانُ يعملُ لينفقَ على أهلهِ ويكفيَهُم المؤونةَ فذلك عبادةٌ لقولهِ عليه الصلاةُ والسلامُ: (إنَّ المسلمَ إذا أنفَقَ على أهلهِ نفقَةً وهو يحتَسبُها كانت له صدقةً)(أخرجه مسلم).
وبرُّ الوالدين وحسنُ صحبتِهمَا عبادةٌ لقوله عليه الصلاةُ والسلامُ للرّجلِ الذي أقبلَ لمبايعةِ الرسولِ على الهجرةِ والجهادِ:(فهل من والديك أحدٌ حيّ؟” قال: نعم، بل كلاهُمَا، قال: “فتبتغي الأجرَ من اللهِ؟” قال: نعم، قال: “فارجِع إلى والدَيكَ فأحسِن صحبتَهُمَا)( أخرجه مسلم.(
وصلةُ الأرحامِ عبادةٌ لقوله عليه الصلاة والسلام:(الرحمُ معلّقةٌ بالعرش تقولُ: مَن وصلني وصله اللهُ، ومن قطعَني قطعَهُ اللهُ)( أخرجه مسلم.(
وإماطةُ الأذى عن الطريقِ عبادةٌ لقولِه عليه الصلاةُ والسلامُ:(كانَ على الطريق غصنُ شجرةٍ يؤذي الناسَ، فأماطَها رجلٌ، فأدخِلَ الجنة)( أخرجه ابن ماجه).
وطلاقةُ الوجهِ عند اللقاءِ عبادةٌ لقوله عليه الصلاة والسلام:(لا تحقرنَّ من المعروفِ شيئًا ولو أن تلقى أخاك بوجهٍ طلق)( أخرجه مسلم).
فكلُّ عملٍ يصدرُ من الإنسانِ المسلمِ ممكن أنْ يكونَ عبادةً في حالةِ توافر بعض الشروطِ وهي:أنْ يكونَ العملُ خالصًا لله فمن العبادةِ مثلًا أنْ يعيلَ العاملُ أسرتَهُ وينفعَ الناسَ لأجل أنْ ينالَ الأجرَ من اللهِ، وأنْ يكونَ العملُ ضمن حدودِ الشرع ِفلا يجوز للمسلم أن يعملَ فيما حرمَ اللهُ، فمثلًا لا يجوزُ للمسلمِ أنْ يسرقَ ليعطي الفقراءَ أو يغني أسرتَهُ، فينبغي أنْ يكونَ العملُ على حسبِ ما جاء في كتابِ اللهِ وسنةِ رسولِه، أنْ يكونَ عملُهُ غيرَ شاغلٍ له عن القيام بما أوجبَ اللهُ عليه فلا يجوز للمسلمِ أنْ يتركَ فرضًا واجبًا عليه ليقومَ بعملٍ آخرٍ بنيةِ العبادةِ.
**********
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ علي خاتمِ الأنبياءِ والمرسلين، سيدِنَا محمدٍ(صلي الله عليه وسلم)، وعلي آلهِ وصحبهِ أجمعين.
ثالثاً: الحثُّ علي المداومةِ علي العبادةِ
لقد حثتْ الشريعةُ الإسلاميةُ علي المداومةِ علي العبادةِ، قال تعالي: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ)(الحجر: 99)؛ أي: اعبُد ربَّكَ حتى يأتِيَكَ الموتُ الذي أنت مُوقِنٌ به.
قال القُرطبيُّ رحمَهُ اللهُ والمُرادُ: استِمرارُ العبادةِ مُدَّةَ حياتِهِ، كما قال العبدُ الصالِحُ: (وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا)(مريم: 31).
فعلينا عبادَ اللهِ، أنْ نبقَى على عبادةِ ربِّنَا حتى نلقَاهُ، وأنْ نستَقِيمَ على شرعِ اللهِ، مُمتَثِلين أمرَ اللهِ: (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا)(هود: 112).
وعن الزُّهريِّ، أنّ سيدَنَا عُمرَ بن الخطابِ تلَا هذه الآيةَ: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا)(فصلت: 30) قال: “استقامُوا واللهِ لله بطاعتِه، ولم يرُوغُوا روَغَان الثعالِبِ”.
وقال سُفيانُ الثقَفِيُّ: يا رسولَ اللهِ: قُل لِي في الإسلامِ قَولًا لا أسأَلُ عنه أحدًا بعدَكَ، قال:( قُل: آمنتُ باللهِ فاستَقِم)(رواه مسلم).
وما أعظمَ كرامةَ مَن استقامَ على دينِ اللهِ، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ)
فعلى المرءِ أنْ يُواصِلَ سَيرَهُ إلى ربِّهِ، ويَصدُقَ في عملِهِ مع اللهِ، وأنْ يلتَزِمَ بشرعِهِ دائِمًا، ولا يربِطَ عبادتَهِ للهِ بزمنٍ أو مكانٍ أو أشخاصٍ؛ بل يبقَى صادِقًا ثابِتًا على دينِ اللهِ على كلِّ حالٍ.
فهذا أبو بكرٍ الصدِّيقُ رضي اللهُ عنه وأرضاه قد تعلَّمَ منه الصحابةُ الكِرامُ درسًا في الاستِقامةِ، إذ قامَ فيهم خَطيبًا بعد وفاةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قائِلًا: “ألا مَن كان يعبُدُ مُحمدًا – صلى الله عليه وسلم -، فإن مُحمدًا قد ماتَ، ومَن كان يعبُدُ اللهَ، فإن اللهَ حيٌّ لا يمُوتُ، وتَلَا قولَ اللهِ : (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ)(الزمر: 30)، وقولَ اللهِ: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ)(آل عمران: 144).
اللهم اعنا علي ذكرِك وشكرٍك وحسنِ عبادتك
الدعاءُ،،،،، وأقم الصلاةَ ،،،،،
كتبه: طه ممدوح عبد الوهاب
إمام وخطيب بوزارة الأوقاف
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف